sábado, abril 04, 2009

صدور كتاب جديد يتحدث عن الموروث الثقافي لمدينة تطوان





تطوان/03/04/ومع/احتضنت إحدى فضاءات تطوان الفنية مساء أمس الخميس حفل تقديم كتاب جديد حول الموروث الثقافي للمدينة يحمل إسم " تطوان، تاريخ المدينة كما تعكسه الآثار التحت أرضية ".

ويتطرق الكتاب ، الذي صدر باللغة الفرنسية في طبعة أنيقة وغنية بالصور التوضيحية من طرف دار النشر "سينسو أونيكو" المغربية ، إلى أحد الجوانب التي لا يعرف عنها الجمهور العريض إلا النزر اليسير، ألا وهو تراث المدينة "التحت أرضي" الذي تتواجد به شبكة مائية تقليدية يعود إحداثها إلى عدة قرون يطلق عليها إسم "السكوندو" ، وهي مجهزة بأنابيب من الخزف تنقل الماء تحت المدينة العتيقة ساخناً في فصل الشتاء وبارداً في فصل الصيف إلى النافورات العمومية والمساجد والحمامات والمساكن الخاصة.

وقد كان ل "السكوندو" التي تربط مختلف مباني المدينة القديمة ، ويعني إسمها الشبكة المائية الثانية التي أحدثت بعد خلق الشبكة الجديدة لتوزيع الماء التي أقيمت خلال فترة الحماية ، تأثير في التطور العمراني لمدينة تطوان منذ إعادة تشييدها في القرن السادس عشر .

وذكر الباحث في تاريخ الاندلس والتراث الثقافي وأستاذ التعليم العالي بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان امحمد بن عبود في حفل تقديم المؤلف الجديد لرجال الاعلام والثقافة والفكر ، أن الكتاب يشرف مدينة تطوان وساكنتها ومؤسساتها لانه يقدم تراثها الفريد بطريقة غير معهودة ، ويركز على جمالية الذاكرة الثقافية والفكرية والفنية والتاريخية التي حافظت على إبداع العلماء والشعراء والفقهاء وإنتاجهم الثقافي والفني بصفته جزءا من الهوية الثقافية المحلية والوطنية .

وقال "إنه إذا كان البعض ينظر إلى شبكة "السكوندو" بصفتها شبكة مائية تقليدية متجاوزة ، فإننا ننظر إليها باعتبارها جزءا من تراث مدينة تطوان الاصيل التي تعبر عن عبقرية المعلم التطواني التقليدي الذي أنجزها وحافظ عليها وكيفها مع التطور العمراني والمعماري للمدينة" .

وأوضح أن المؤلف الجديد ، الذي يتحدث عن كيفية تدبير هذه الشبكة وأسلوب العيش التقليدي لسكان مدينة تطوان ويعرض صوراً نادرة لها إلى جانب الأحواض والمساجد والمدارس والمنازل المرتبطة بها ، يعتبر ثمرة مجهود جماعي جمع بين أربعة أساتذة ومؤلفين مرموقين، غالبيتهم ينحدرون من مدينة تطوان التي تعتبرها منظمة اليونيسكو تراثا عالميا .

وأضاف أن الكتاب يضم فصلا يقدم لمحة مركزة لأهم المعالم التاريخية لمدينة تطوان العتيقة عبر القرون الخمسة الاخيرة ، من بينها بالاضافة إلى شبكة السكوندو (المطامر) التي تضم مغارات وكهوف توجد في عمق جبل درسة وتمتد في جميع اتجاهات المدينة العتيقة ، وتعتبر معلمة تاريخية حيث تضم أيضا خزانا للقمح وسجنا على غرار سجون مماثلة كانت منتشرة في منطقة حوض البحر الابيض المتوسط خاصة في البرتغال واسبانيا وإيطاليا ومصر .



وذكر أن (مطامر) تطوان انفردت عن غيرها ببناء كنيسة كبيرة تحت الارض في قلب المدينة الاسلامية وهي كنيسة "نويسترا سينيور دو لوس دولوريس" التي كانت مخصصة للسجناء البرتغاليين الذين كان يحتجزهم القراصنة أثناء المواجهة التي كانت تحدث بينهم في عرض البحر في الفترة ما بين القرنين السادس عشر والسابع عشر ، وما زالت معالمها الاثرية التي تشهد على تاريخ المدينة الاصيل موجودة إلى اليوم .

كما يتحدث الكتاب ، الذي ساهمت في دعم إنجازه شركة "فيوليا البيئة المغرب" عبر فرعها "أمانديس" المكلف بالتدبير المفوض لخدمات التطهير السائل وتوزيع الماء والكهرباء بمدينة تطوان ، عن مقابر الديانات الثلاث لمدينة تطوان التي ترقد فيها متجاورة شخصيات طبعت تاريخ المدينة من المسلمين واليهود والكاثوليك بعد أن تعايشت لعدة قرون بمدينة تطوان .

وقد شارك في إصدار الكتاب ، الذي يعتبر تحفة أدبية ستغني الخزانة الوطنية على العموم والتطوانية على الخصوص ، كل من الاساتذة امحمد بنعبود وخالد الرامي وجعفر بن الحاج السلمى ، وفرانكو داليساندرو الذي ينشط كمتعاون مع وكالات رائدة بإيطاليا وبلدان أخرى ، وأنجز عددا من الروبورتاجات المُصورة لمجموعة من الكتب المرجعية بالمغرب .

كما ساهم في تأليف هذا الكتاب ، ولم يكتب له رؤية ولادته بعد أن غيبه الموت في شهر يوليوز الماضي ، الاستاذ الاسباني رودولفو جيل بن أمية جريماو الذي كان يشرف على التدريس بعدة جامعات من بينها جامعات مدريد وأشبيلية وعين شمس بالقاهرة وجامعة "مينينديز بيلايو" بمدينة سانتاندير الاسبانية وجامعة محمد الخامس بالرباط ، كما عمل كمدير للمركز الثقافي الإسباني بالقاهرة والرباط، ثم معهد سيربانتيس بتطوان ولشبونة.

ج/أب/