domingo, julio 02, 2006

AHMED EL KHOMSI EN AL MAGHRIBIA



ما الذي ينفع المغرب :
الإصلاح الشامل أم إطفاء الحرائق؟ /أحمد الخمسي

14:55 22.06.2006
أحمد الخمسي المغربية


في موقع الـ "سي إن إن" يجد المتتبع مقالات ارتفاع عدد الأثرياء في المنطقة العربية والولايات المتحدة الأميركية والعالم، ويظهر أن ارتفاع ثمن النفط أدى إلى ارتفاع عدد الأثرياء، طبعا يتعلق الأمر بمناطق وبلدان الفائض في الميزان التجاري .
وعبر قصاصات الصحافة المغربية نجد ارتفاع أرقام من نوع ثان، إذ وصل عدد المنصوب عليهم من طرف شخص واحد، نصف مليون نسمة، لهم عائلات وحسابات بريدية وبنكية، يفضي إلى مايفوق مليوني نسمة من ضحايا النصب من طرف إرادة شخص واحد، وهو الذي نصب على 200 طبيب ليوهم الزبناء بجريان فوائد طبية يصل تخفيض أسعار الخدمات بنسبة 50٪، مع العلم أن ثمن الانخراط في الشركة الوهمية للشخص الناصب يساوي 50 درهما.مما يعطي مجموع المال المنصوب من أجله عبر دورة بنكية وبريدية والكترونية هو ملياران ونصف المليار من السنتيمات، ثم لايملك المتتبع مهلة زمنية كافية لنسيان هذا المستنقع حتى تطلع عليه قصاصة ثانية مفادها رواج 600 شهادة مزورة بصدد الطب والصيدلة. ثم لانلبث نتلقى تفاصيل حول العمولات المقتسمة بين أفراد أجهزة القوات العمودية، وخضوعها لقوة الترغيب والترهيب من طرف مافيا المخدرات بالشمال، ثم نسمع عن أنواع الارتشاء والارتشاء عبر الأعمال ومساطر الانتاج والتبادل والاستهلاك. ثم تأتي شهادات متضاربة عن اغتناء رئيس بلدية منتخب، مع وجود الدليل بعدم سوء استعماله للميزانية، مما يفتح النقاش حول فساد الشخص أم فساد التقاليد المسكوت عنها في نظام الصفقات التي تطوق أصحاب التوقيعات بنسب 5٪ من الصفقات كيفما كانت نياتهم الشخصية في الزهد أو اللهث وراء المال. ومع هذا وذاك، تتكرر حكم وعبر الرأسمالية حول ازدواجية القدر والقضاء، القدر اللهوتي في السماء والقدر المالي للعملة فوق الأرض، وكذلك تركيز الصراع الايديولوجي طيلة العشرين سنة الأخيرة حول السوق حلبة لخلق القيم بدل وحدات الانتاج في الحقول والمعامل مما حول عصب الاقتصاد إلى ميكانزمات المضاربة وأفضى إلى نقل الضغط الاقتصادي من خط التماس بين جنوب الكرة الأرضية وشمالها إلى مصب الطبقة الرأسمالية العليا، التي تفضل القبض على كل مواقع انتاج القيم الأخرى لتصبح تحت رحمة مراكز قيم المضاربة المالية وميكانزمات التضخم.ومهما قيل عن قبض عفريت التضخم في قمقم النسبة المتدنية بين 1٪ و2٪، في اقتصاد المغرب، فالله وحده يعلم كم تم تطوير سلطة الأرقام عبر صناعة النسب والمعدات لتنويم الصورة الزجاجية الرقمية، كي تتموج أمام عيني المتتبع وتوهمه باستقرار حالة التضخم في مستوى ما، وكأن الزيادة المتوالية في أسعار النفط وما تلاها من الزيادات في المواد الغذائية لا أثر لها على الحجم الإجمالي للتضخم.صحيح، يمكن الاستفادة من ذلك، عبر القول إن الانتاج الوطني الاجمالي للمغرب قد ارتفع الى ما فوق الأربعين مليار دولار، بعدما ظل مراوحا للثلاثين مليار دولار، كما يمكن ترويج مقولة ارتفاع رقم المعاملات لكل شركة على حدة. إلا أن أزمة الاقتصاد المرتبط بالطاقة من جهة، والمرتبط بتربية واستهلاك الدجاج من جهة أخرى، قادرة على تفسير الهذيان حد الإغماء في كثير من الأعمال.لكن التكامل بين مساحات الاقتصاد الاسود من جبال المخدرات، التي عانت من الحصار طيلة 40 سنة في العهد السابق، إلى مكاتب الإدارة حيث لولب "الشوامي" الذي يعتصر زيوت الرشاوي أو يقطر نباتات الشهادات والاستحقاقات الأخرى، ليرمي "بفيتور" المواد البشرية في مزابل لاتزيد الوضع إلا تهديدا، إذ تساهم حقول التدبير الإداري في تطعيم شرايين الفئات "المشتغلة" ما بين 24 سنة و60 عاما، بحالات من التسميم، تنتقل منهم إلى من هم دونهم سنا في الفئات ما بين 15 و24 سنة، المتروكين في طوابير انتظار الشغل والزواج والسكن المستقل، مقابل ضخ 600 ألف طفل في وقت غير وقت الشغل في مناصب الشغل غير المنظم، بلا صندوق ضمان اجتماعي ولا حد أدنى للأجور مما يرمي بالجهد كله نحو الطريق المسدود، ما دامت دورة الاصلاح لم تتسع ولم تتعمق، مقابل جهد مضني على طرفي الدولة في الأعلى والمجتمع في الأسفل و"الوسط"، تغطيه أتربة تتراكم بعوامل الرياح الدولية التي تحمل ارتفاع ثمن البترول واحتقان الأوضاع في فلسطين والعراق، وتحمله ترسبات الطبقة الوسطى التي لم تجد إصلاحات توفر لها الاختصاصات الجهوية الحقيقية ولا الاختصاصات التشريعية الوطنية الفعلية.إذ تدور الحكامة في مسلسل مفرغ، يثقل المرحلة التاريخية بكاملها إلى الحقول الأصولية، ليبقى للدولة خيار وحيد داخل هذا الحقل لاخارجه، في حين يتأهل المغرب عبر العالم للتقدم أكثر مما يمكن لحكومة مسيسة للدين أن تضمنه. لقد شاهد المتتبع ممثل العملاق غوغل في المنطقة الجهوية حيث يقع المغرب، يرد على سؤال حول تصور غوغل لمستقبل الانترنيت ومستهلكيه، إذ رد الكرة الى صاحب السؤال في القناة الثانية وبما معناه، انظروا أبناءكم اليوم كيف يسلكون رفقة الانترنيت وستعلمون كيف يكون المجتمع غدا.وإذا كان امتداد وادي السيليكون في المغرب، بخيره وشره، يعرف استفحال التناقض بين مغربي الأوتوروت ومسالك البهائم، وما بينهما من السيارة ذات الدفع الرباعي التي يركبها الشاب الجبلي الذي لم يتعب من أجل ولوج عالم المعرفة والإعلام والعالم لكنه خاطر وسلك ممرات محظورة تؤدي إلى الاقتصاد الأسود وإلى محطات الغسل، فكيف تتغير مفاعيل هذا التناقض؟ لقد صادفت ذات يوم من هذا الأسبوع الشابين المغربيين، أحدهما أسامة الذي يسكن ولاية التكساس في الولايات المتحدة الأميركية وثانيهما كمال الذي فضل أن يحمل اسم ناثان باقتراح من أصدقائه البلاجكة وبعدم اعتراض من أسرته السبتاوية لإغراء خلقي بسيط حسب كلامه التلقائي البسيط وهو لايفوق سن الثامنة عشرة من عمره بل أصغر من ذلك، بسبب زرقة عينيه، وبياض جلده ورقة ملامحه المقيم في أميركا يحب المغرب والمغاربة ويقدر درجة احترام الحقوق والقانون لدى الأميركيين، إذ رد أن أصدقاءه الأميركيين لم يسخروا ولا شبهوه يوما باسم غير اسمه الشخصي والعائلي. لقد افتعلت السؤال بالضبط لأعرف ردود فعل عائلتهما عن وضع "المناكش" في أذنيهما، لكن استغراقهما في الحديث عن البلد بالإيجاب شغلني عن "المناكش" وخفت أن أظهر متخلفا منشغلا بشؤون شخصية يتعالى الأميركيون عما هو أعقد منها، خوفا من صدم أسامة في الصورة الجميلة التي يحمل عن المغاربة وعن المغرب.إن القصاصة التي اطلع عليها القراء هي قرار بإبعاد المهاجرين عن الانتخابات، وتبقى إرادة فصل الطاقات والخبرات عن المؤسسات كافية لحفظ السياسة من تبعاث التردي إذا لم يتم نقل المغرب إلى موقعه العالمي المستحق تحديثا ودمقرطة في الاقتصاد وفي السياسة.فسوف تعجز "الوقاية المدنية" عن إطفاء حرائق صيف مؤلم غير معلوم الآن، لكن مؤشراته منتشرة بيننا.

No hay comentarios:

Publicar un comentario